الهدف الإدماجي : (0ti)
يعين الهدف الإدماجي ملمح المتعلم في نهاية الطور؛ وبذلك يكون لكل طور هدف إدماجي نهائي لكل مادة (أو لمجموعة مواد متقاربة).
لماذا بيداغوجيا الإدماج؟
منالإشكاليات التي واجهت النظام التربوي في بلادنا- كغيره من الأنظمةالتربوية في العالم- مشكلة تجزئة المعارف التي ميّزت المناهج السابقة؛ إذتضمّ في ثناياها قائمة من المفاهيم يجب على المتعلم تعلّمها، وبعضالمهارات عليه اكتسابها في كل مادة من المواد الدراسية. والنتيجة هي تراكمالمعارف لدى المتعلم دون إقامة روابط بينها، مّما يحول دون امتلاكه لمنطقالإنجاز والاكتشاف. بعبارة أخرى، يجد نفسه يتعلّم من أجل أن يتعلّم، وليسلفعل شيء ما أو تحليل واقع والتكيّف معه استنادا على ما تعلّمه.
وكحلّلهذه الإشكالية، تمّ اعتماد المقاربة بالكفاءات كاختيار بيداغوجي يرمي إلىالارتقاء بالمتعلم، من منطلق أنّ هذه المقاربة تستند إلى نظام متكاملومندمج من المعارف، الخبرات، والمهارات المنظّمة والأداءات، والتي تتيحللمتعلم ضمن وضعية تعليمية/تعلمية إنجاز المهمّة التي تتطلّبها تلكالوضعية بشكل ملائم.
ومن ثمّ، تغدو هذه المقاربة بيداغوجيا وظيفية تعملعلى التحكم في مجريات الحياة بكل ما تحمله من تشابك في العلاقات وتعقيد فيالظواهر الاجتماعية، وبالتالي، فهي اختيار منهجي يمكّن المتعلم من النجاحفي الحياة، من خلال تثمين المعارف المدرسية وجعلها صالحة للاستعمال فيمختلف مواقف الحياة.
إنّ هذه المقاربة كتصوّر ومنهج منظِّم للعمليةالتعليمية/التعلمية، تستند إلى ما أقرّته النظريات التربوية المعاصرةوبخاصّة النظرية البنائية التي تعدّ نظرية نفسية لتفسير التعلم وأساسارئيسا من الأسس النفسية لبناء المنهاج المدرسي، الذي ينطلق من كون المعرفة:
* تُبنى ولا تنقل؛
* تنتج عن نشاط ؛
* تحدث في سياق؛
* لها معنى في عقل المتعلم؛
* عملية تفاوضية اجتماعية؛
* تتطلّب نوعا من التحكم.
منهنا، فالمناهج - ومن خلالها مختلف المواد الدراسية- تستهدف تنمية قدراتالمتعلم العقلية والوجدانية والمهارية ليصبح مع الأيام وبمرور المراحلالدراسية مكتمل الشخصية، قادرا على الفعل والتفاعل الإيجابيين في محيطهالصغير والكبير، وعموما في حياته الحاضرة والمستقبلية. ولكي تكون المناهجفي خدمة هذا التوجّه، كان من الضروري التركيز على الكيف المنهجي بدلا منالكم المعرفي من خلال نظام الوحدات الذي يمكّن المتعلم من التركيز علىمضامين بعينها تتوفّر فيها شروط التماسك والتكامل تمكّن المتعلم من كيفيةالاعتماد على النفس، تفجير طاقاته، إحداث تغيّرات ضرورية في ذاته لتكيّفمع حاجات طارئة. إنّه مسعى يمكّن المتعلم من اكتساب كفاءات ذات طبيعةمهارية وسلوكية تتكيّف مع الواقع المعاصر سواء في عالم الشغل أو المواطنةأو الحياة اليومية.
هذا النوع من المناهج، يركّز على بيداغوجياالإدماج، باعتبارها مسار مركب يمكّن من تعبئة المكتسبات أو عناصر مرتبطةبمنظومة معينة في وضعية دالة، قصد إعادة هيكلة تعلّمات سابقة وتكييفها معمتطلّبات وضعية ما لاكتساب تعلم جديد. ومن ثمّ، فالمنهاج المبني على هذهالبيداغوجيا يقود المتعلم نحو تأسيس روابط بين مختلف المواد من ناحية،وربط هذه الأخيرة بخبراته وقيمه وكفاءاته وواقع مجتمعه من جهة أخرى. وعموما، فإنّ المناهج ذات الطبيعة الإدماجية تعمل على جعل المتعلّم:
- يعطي معنى للتعلمات التي ينبغي أن تكون في سياق ذي دلالة، وفائدة بالنسبة له، وذات علاقة بوضعيات ملموسة قد يصادفها فعلا؛
* يتمكّن من التمييز بين الشيء الثانوي والأساسي والتركيز عليه لكونه ذافائدة في حياته اليومية أو لأنّه يشكّل أُسسا للتعلّمات التي سيقدم عليها؛
* يتدرّب على توظيف معارفه في الوضعيات المختلفة التي يواجهها؛
* يركّز على بناء روابط بين معارفه والقيم المجتمعية والعالمية، وبين غاياتالتعلمات، كأن يكون مثلا مواطنا مسؤولا،عاملا كفءا، شخصا مستقلاّ
* يقيم روابط بين مختلف الأفكار المكتسبة واستغلالها في البحث عن التصديللتحديات الكبرى لمجتمعه، وما يضمن له التجنيد الفعلي لمعارفه وكفاءاته.
ولتمكّن المتعلم ممّا سبق ذكره، يستلزم أنشطة تعلم ذات الخصائص الآتية:
اعتبار المتعلم محور العملية التعليمية/التعلمية؛
* التركيز على إدماج الكفاءات المستعرضة في الأنشطة التعليمية/ التعلمية؛
* الاهتمام بتنمية الأنشطة الفكرية والتحكم في توظيف المعارف؛
* جعل المتعلم يوظّف مجموع الإمكانات المتنوعة (معارف، قدرات، معارف سلوكية
* إدماج التعلمات يقاس كمّا بعدد الأنشطة التي تتدخل في تحقيقه، ويقاس نوعيّا
* بكيفيات تنظيم التعلمات.
ولكي يتمّ إنجاز النشاط بالشكل المأمول والعمل على تحقيق الهدف منه،
على المدرس أن يتيح للمتعلم :
- الانهماك الفعال: وذلك بتوفير الوقت الكافي للمتعلم لتأمين انخراطه في عمليفضّله ويرغب فيه، ويشعر بأنّه يستجيب لحاجاته، أي وضعية يمارس فيهاتعلّمه بكيفية نشطة، وموظّفا طاقاته المختلفة؛
* الانغماس: من خلال توفير محيط مثل الوسائل المسهّلة للقيام بالنشاط التعلمي المستهدف؛
* التملك: بمعنى جعل المتعلم يشعر بأنه صاحب النشاط التعلمي أو ما ينتج عنه، وذلك بحكم اختياره وإنجازه للنشاط في شكله ومحتواه؛
* النمذجة: بمعنى تمكين المتعلم من أن يرى توضيحا عمليا من المدرس للكفاءات المستهدفة؛
*الاستجابة المشجّعة: أي أنّ أداء المتعلم يجب أن يتبعه ردّ من المدرس ليشعر بأنّه محلّ رعاية واهتمام، وأن يكون الرد بنّاء ومشجّعا.
وهذاالتعليم/ التعلم، يحتاج إلى طرائق تدريس نشطة، من بينها التدريس بالمشكلة،إذ يوضع المتعلم أمام وضعيات تعلّم باعتبارها نشاطات معقّدة تطوّر لديهروح الملاحظة، الإبداع، الفعل، وبمعنى آخر إنجاز مهمّات مثل ( كتابة رسالةشفهية أو كتابية، حلّ مشكل في الرياضيات،..) وتعتبر الوضعيات بمنظوربيداغوجيا الإدماج:
-وضعيات للتعلّم: فيها يقترح على المتعلم إنجاز هدفخاص لدرس أثناء تعلمات منهجية تقوده إلى صياغة موضوع، فكرة، استنباط،تعريف، عرض قاعدة..الخ، وهذه الوضعيات تُنمَّى من خلال نشاطات ملموسةتستجيب لحاجات المتعلم؛
-وضعيات للإدماج: بحيث تختبر أثناء مهلة توقّفللمتعلم خلال التعلمات المنتظمة، هذ المهلة هي ما يطلق عليه" لحظةالإدماج" حيث يقوم أثناءها المتعلم بتجنيد مختلف المعارف، حسن الأداء،وعلى أساس لحظة الإدماج هذه وبناء عليها يتمّ تطوير المعرفة السلوكية؛
- وضعيات للتقويم: ذلك أنّ وضعيات التقويم تماثل وضعيات الإدماج، إذ كلّماحقّق المتعلم نجاحا في عملية الإدماج، نال ما يعبّر عن هذا النجاح.
وأخيرا،فأساليب التعليم والتعلم تغيّرت، وبتغيّرها أصبح دور المدرس يرتكز علىمساعدة المتعلم باعتباره في قلب منظومة التعلم، إذ يقوم بتعلّماته بنفسهاعتمادا على طرائق تدريس نشطة تمكّنه من تجاوز اكتساب المعارف إلى الوعيبالذات، اكتساب الكفاءات، اكتساب قيم وااتجاهات، القدرة على التفكيرالمنطقي، حلّ المشكلات، تقييم المفاهيم، الثقة بالنفس، الاستقلالية، وذلكهو الهدف الجوهري الذي تسعى إلى تحقيقه مختلف الأنظمة التربوية في العالمومنها منظومتنا.
ما معنى وضعية إدماجية؟
الوضعية الإدماجية: هيوضعية مركبة ودالة بالنسبة للمتعلم، يطلب منه حلها باستعمال وتوظيف كلالموارد التي اكتسبها.و هي وضعية مركبة (يتطلب تجنيد معارف ومهارات،معارفسلوكية كفاءات عرضية سبق للتلميذ أن درسها) .بشكل مجزأ وفي ترتيب معينوضمن سياق مختلف،فهي ليست تطبيق لمفهوم او قاعدة ما اوقانون ما.و هي وضعيةدالة بالنسبة للمتعلم.
تقدم وضعية الإدماج بعد تقديم عدد من الموارد المتعلقة بإرساء تعلمات منفردة طوال خمسة أسابيع .
مكونات وضعية إدماجية:
01- السياق
يصف موضوع الوضعية، -يحدد المهمة المطلوبة من التلميذ
02- السندات
الصور ذات دور بيداغوجي ،والنصوص يفهمها التلميذ
03- التعليمة
:نص التعليمة يراعي مستوى التلميذ و قدراته العقلية،يحدد بدقة المهمةالمطلوبة دون تأويل أو غموض ،تسمح للتلميذ بتجنيد الموارد قصد إنجاز مهمة،تقترح ثلاث فرص لتقويم المعيار.
خصائص وضعية إدماجية :
- أن تكون مركبة (حلها يتطلب تجنيد الموارد).
- تطرح مشكلة قابلة يحلها التلميذ.
- أن تكون وجيهة (تقوم ما يجب تقويمه ).
- تدمج مجموعة موارد.
- تكون جديدة لم يتم تناولها من قبل.
- تكون لغة سياقاتها و تعليماتها يفهما التلميذ.
- تحترم قيم مجتمع التلميذ
- تنمي لدى التلميذ مواقف وسلوكيات
- تؤدى نتاجا منتجا مركبا ينجزه المتعلم.
- الوضعية الإدماجية مرتبطة بكفاءة ما.
ماذا تقيم الوضعية الإدماجية؟
تقيم الوضعية الإدماجية المتعلم في مدى استعماله وتوظيفه للموارد العلميةالمدروسة في وضعيات مألوفة من الحياة اليومية، ولم يتعرض لحلها من قبل.
تقيم كل كفاءة قاعدية بوضعية إدماجية، تعكس وتعبر عن مدى تمكن المتعلم منها كاملة.
مجموعة الوضعيات الإدماجية التي تنتمي إلى نفس الكفاءة القاعدية تسمى عائلة الوضعيات.
ما معنى كفاءة قاعدية؟
الكفاءة القاعدية هي مجموعة الموارد المستهدفة من نشاطات وحدات نفس المجال.
يحوصل كل كفاءة قاعدية مجموعة من الموارد (معارف، مهارات، سلوكات)
نجمل ما سبق في المخطط الآتي:
الأهداف الكبرى للوضعية الإدماجية:
هي الإدماج والتقييم معا وتتميز بأنها:
- مناسبة يتعلم فيها المتعلم إدماج مكتسباته، مع التحقق من مدى كفاءته في استعمال موارده في حل وضعية مركبة.
- تتجه إلى التلاميذ فرديا.
- تعكس دوما وضعية مماثلة للحياة اليومية أو المهنية.
- وضعية دالة وتستند إلى كفاءة محددة في وحدة أو وحدات من مجال أو مجالين.
- التعلمات يصبح لها معنى ودلالة إذا حدث تزاوج وتناوب بين الوضعياتالتعلمية (الموارد المكتسبة) ووضعيات إدماج (توظيف مجموعة الموارد فيالحل، في الإدماج، والتقييم).
تعم هذه الوضعيات كل مراحل التعلم وبشكل منتظم، بحيث تشكل نسيجا محكما مع النشاطات التعلمية.
الإدماج ضمن الممارسات التعلّمية:
"بيداغوجيا الإدماج أصبح لها مكانتها الرائدة المرموقة في الممارساتالتعليمية، وهي تستهدف تدريب المتعلمين على توظيف مكتسباتهم وإحكام حسنالتوظيف عند مواجهة وضعية إشكالية.
المتعلم هو الفاعل الأساسي فيالتكوين الذاتي فبالإضافة إلى أنشطة المراجعة والتطبيق...فهو مدعو إلىتوظيف مكتسباته في أنشطة ذات طابع إدماجي.
منقــــــــــــول