حسرات استاذ... تبرّد القلب لازم تقراوهـــــــــــــــــــــــــــــــــــا...

في الليلة الأولى رأيت فيما يرى النائم أنني أصبحت "نورمال " حيث أنني أصدق ما يقوله وزير الداخلية السيد يزيد زرهوني من أن الجزائر أصبحت ايطاليا أو أمريكا لان نسبة المشاركة في الانتخابات لم تتجاوز 35 بالمائة ؛ و أصبحت أصدق السيد وزير التربية الوطنية حينما يذكر أن نسبة النجاح في الباكالوريا لسنة 2007 سوف تصل 70% وأن الباكالوريا الجزائرية من أصعبها في العالم و نسبة النجاح عندنا من أعلى النسب و صدقت أن قطاع التربية مثله مثل البلاد خالية من المشاكل.
رأيت أنني أصدق السيد الوزير الذي يصرح في بداية كل سنة أن كل الإجراءات اتخذت و الوسائل هيئت و في نهاية هذه السنة نكتشف وجود "سيزيام بفرنسية" و سيزيام بدون فرنسية ".
رأيت فيما يرى النائم أنني صدقت أن السيد بن بوزيد حل مشكل التسرب المدرسي عندما أصبح نفس القسم يحتوي على تلامذة فارق السن بين" البز" و "الشارف" قد يصل إلى 5 سنوات تماما مثل القسم الوحيد في مسلسل " البيت الصغير بين المروج " . و وفر بذلك على الحكومة عناء البحث عن مصير أرحم لتلامذة يمدد تمدرسهم إلى مالا نهاية .
رأيت فيما يرى النائم أن حكامنا اكتشفوا الدواء الذي يشفي من كل داء بكسر "التيرمومتر" فتذهب الحمى .
رأيت فيما يرى النائم أن المفتش الطاهر تبسم لي قائلا : " سيونتيفيك" (العلمي ) هو "البوليتيك" _(السياسة)
رأيت فيما يرى النائم أنني حينها أصبحت من المقربين و لا أحد يتهمني في وطنيتي و لا أحد يذكر اليد الخفية التي تحركني .
رأيت فيما يرى النائم أنني شفيت من الأرق و أصبحت أنام على أنغام آيت منقلات " أطس مازال الحال"

استيقظت و اصطدمت بالواقع الذي أعيشه رأيت في وضح النهار أن الثانويات و المدارس أصبحت تشبه المستشفيات و المصحات . هل عند وزيرنا- عاشق الأرقام- النسبة المئوية لعدد الأساتذة الذين لهم ملف طبي ؟ 70% ؟ 80% ؟ هل توجد إحصائيات لعدد الأساتذة الذين لا يمكنهم إطلاقا ممارسة التدريس نتيجة أمراض نفسية و "مازال يحرثوا عليهم" ؟ 20% 40 % ؟
رأيت في وضح النهار تلامذتي في السنة الثانية فلسفة- الشعبة الجديدة التي جاء بها الإصلاح - لا يعرفون إلا "باسكالا" واحدا هي المغنية "مشعلاني" و يعتبر بعضهم أن" الفرزدق" من علماء الكيمياء المعاصرين بينما تلاميذ السنة الثانية فلسفة في مناخ غير مناخنا تطبع لهم مقالات و لهم مؤلفات ؛رأيت تلامذة الأقسام النهائية يهجرون الثانوية منتصف أفريل و يتخطفهم مرتزقة الدروس الخصوصية . و الوزير يشيد بدروس الدعم المقدمة في العطل التي حضرها الأشباح و يجعل منها سببا لارتفاع نسبة النجاح !
رأيت في وضح النهار أولياء يغامرون بأبنائهم في مدارس غير معتمدة فرارا من المدرسة الوطنية و خوفا أن يصبح ولدهم مثل شقيقه الأكبر الذي عوقته- في نظرهم -المدرسة الجزائرية.
رأيت في وضح النهار مسئولين في وزارة التربية يلعنون التعليم الأساسي بعدما كانوا يمجدونه، رأيتهم يهللون لبرامج الإصلاحات التي استوردوها كما كانت تستورد الجزائر في السبعينات مصانع جاهزة للتشغيل استوردوا (قص ألصق ) برامج في الفيزياء – مثلا- هي برامج فرنسا لكن أين خبراء فرنسا؟ أين تكوين فرنسا ؟ أين مخابر فرنسا ؟ أين معدات و تجهبز فرنسا؟ لكن لمادا فرنسا لماذا لم نختر انكلترا ؟ السعودية ؟ أو موريتانيا ؟ أين الجزائر التي يحيا علمها على شكل جرعات من النشيد الوطني تقدم للتلاميذ صباح ومساء كل يوم بهدف إحياء الروح الوطنية التي وأدتها مافيا التعليم.

رأيت في وضح النهار أن أكاديمية الجزائر العاصمة في 2007 ليس لها موقع الكتروني و أشقاؤنا من الأساتذة في المغرب يطلعون بكل شفافية على الانترنت على ترقياتهم ، المناصب الشاغرة....
و رأيت أن صفقات تبرم لتزويد المؤسسات التربوية بالحواسيب تدشن ثم تغلق قاعاتها و 60% من الأساتذة أميون في الإعلام الآلي
رأبت في وضح النهار أن نقابات في التربية منحتها القاعدة الاعتماد وأعطاها الأساتذة شرعية لم يسبق في تاريخ الجزائر أن نالتها نقابة من قبل لكن الوصاية تتجاهلها و تمارس عليها أساليب لا أخلاقية من ترهيب و إغراء قصد تفكيكها و رأيت نقابات نبذتها القاعدة و هجرها الأساتذة تقربها الوزارة وتمنح لها المقرات و تعقد لها المؤتمرات

في الليلة الثانية رأيت فيما يرى النائم فرعون يكرم سحرته الذين قهروا بسهرهم عصى موسى رأيت فيما يرى النائم السميائيين يصنعون من الرصاص ذهبا و المشعوذين يفتحون مكاتب رأيت غاليلي ينحني أمام الكنيسة و ينكر دوران الأرض و رأيت نيوتن يأكل التفاحة و ينام رأيت مدينة" بوقاعة" يزداد عدد الولادات فيها لان عدد "البلارج" ازداد رأيت مبدأ السببية ينهار رأيت أكادميات الجزائر كلها تتحول إلى "ستار أكاديمي" رأيت وزارة التربية تتحول إلى وزارة "حظك في الأبراج "
رأيت بطل قصة "في بلاد العميان" لـ "ويلس"لا يفر بجلده بل و يفقأ عيناه ليكون "نورمال" في بلاد العميان
رأيت الثانويات و الجامعات مصانع لمواطنين من الجيل الثاني " انديجين 2" تتصرف فيهم الشركات متعددة الجنسيات .
في اليوم الثاني قررت أن أكتب و لا أكتم الشهادة و تذكرت قوله تعالى << بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق >>