الروي الأخير
بقلم : نور الدين جريدي
***************
*هذه القصيدة هي للشاعر الراحل الطيب رحيلة رحمة الله عليه
الروي الأخير .
هذه قصيدة شعرية كان ميلادها عسيرا للشاعر الجزائري الصديق " الطيب رحيلة "طيب الله ثراه حيث صيغت على فراش المرض والموت , وبعدها بأسبوع انتقل الى رحمة الله , بعد معاناة طويلة مع المرض ... "رحمه الله
من تقديم صديق الشاعر نورالدين جريدي
الكاتب الشاعر : الطيب رحيلة رحمة الله عليه
الروي الأخير
**********
يا نفس مالك لا ترضين بالقسم
وتنكرين جميل الفضل والنعم
غابت عليك ليالي اليسر مسرعة
وناب عهد الليالي السود والسقم
على الفراش شديد الضر يلسعني
والقلب يعصر من ضيق ومن ألم
لا من يقدم كاس الماء أشربها
جميعهم هجروا حتى ذوي رحم
وحدي أعاني لحاك الله من زمن
فيه يكرم ذوي المال واللجم
كنت الأمير إذا ناديتها اتمرت
وقدمت لي ولاء الزوج والحكم
واليوم تهجرني دوما بلا سبب
إلا لأني مريض واهن الهمم
وجاء بعض رجال الحي يحملني
إلى الطبيب كسيح الجنب والقدم
وأدخلوني إلى المستشفى حاملة
نفسي فناها لا تقوى عن الكلم
بضاعة في يد الجوال يدفعها
هذا إلى ذاك لم تعرض ولم تسم
وجيء بي غرفة الإنعاش موحشة
من بعدها فقدت العضو بل ودمي
وأسدل الموت من حولي ستائره
كثيفة مثل موت البحر والظلم
برودة قد كست جسمي وحشرجة
وشعلة صعدت من صدري كالحمم
وجيء بي إلى النعش مسجى
ولم يفروا لي لحظة لوداع الأجم
والمقرؤون لايات مفصلة
وبردة الشيخ في إثر إلى الأمم
وأوصلوني إلى مثواي وانصرفوا
لأبقى وحدي كما جئت من عدم
سمية هل يعود العيد ثانية
بلا أب كيف تلقاه مع اليتم
من يشتري لك أثوابا مزركشة
ومن يجيرك من جوع ومن سقم
محمد ياربيع العمر ياأملي
أعيشة بين صحو القلب والحلم
تركته مثل عصفور بلا زغب
عودا طريا على الأيام لم يقم
قولي لمن سألوا عني وعن خلقي
أني قضيت حياتي شاهرا قلمي
في وجه من ظلموا أهلي ومن سرقوا
حضارة الشرق والتاريخ والأمم
بنيت للعشق والعشاق كعبتهم
من الأغاني فلم تبق ولم أدم
أجبتكم صوت ناي قد عرفت به
كل الأحلام والمواويل والقيم
ذكري سيبقى وإن طالالزمان به
مسعى المحبين والعاشق كلهم
وجهي سيبقى وإن غابت ملامحمه
ما بين عينيك مثل الكحل والقلم
سكنت قلبي وإحساسي وعاطفتي
فإن سكنت القوافي بعد لم ألم.
*******************
رحم الله الشاعر الطيب رحيلة و اسكنه فسيح جنانه