بعض الفصحى لسائس خيل غرناطي
شعر : محمد جربوعة - شاعر جزائري مقيم بدمشق
**********************************
مثل المسافر ألقى الرَّحلَ والتَّعبا
هاتي له من بحور الشِّعر ما طلبا
لا تسأليه .. له ذكرى تُحرّكهُ
وتُطعم النارَ في أحشائه حطبا
قد مرَّ بالحيّ عصرا ..حيِّ من رحلوا
فولولَ القلبُ في جنبيه واضطربا
وأثّثَ الدمعُ في عينيهِ ساقيةً
(قيسيّةَ) الحزنِ..فيها حزنه انسكبا
لا تسأليه ..له في الصمتِ عادتهُ
ماذا علينا إذا لم نعرف السَّببا؟
مرت رياحٌ على الآثار تمسحها
حتى ظننَّا بأنّ الجرح قد ذهبا
واليوم يعبر قربَ الباب منكسرا
يا ليت خطو (قليل الحظ) ما اقتربا
تحت الرمادِ ينام السرُّ مرتجفا
مثل المطارَدِ مطلوبا بما ارتكبا
هاتي له من بقايا الليل شمعتَهُ
ومِن جذوع قديم الشِّعر ما احتطبا
وصفّقي..حمرةُ الحنّاء تعجبهُ
وهَزُّ رأسِكِ إعجابا بما كَتبا
لا يُعجِب الشّعرُ بعد العصر سيّدةً
يغتالها الكحلُ مثل الحربِ، إنْ نشَبا
يا سائسَ الخيل هل لي(...) ؟سرْجُها بدمي
والضبح لا زال في الشريان منسكبا
يا سائس الخيلِ.. فُصحانا نشكّلها
فقط لنقرأَ (مهرَ اللهِ) كيفَ كبا
وحدوة الخيل يا خيّالُ نلمسها
في غيهب الجيب ، كي لا نعشق الهربا
وشيخة الحيّ.. لا زالت تمرّرنا
على السكاكينِ..تغري كأسُها العنبا
يا ربة الكحلِ..مِن يومين قافيتي
تجتاحني عطشا..والبحر ما شربا
لا يعرف الشعرَ مَن أحنى قوافيَنا
لأحرف الجرّ..أو للكَسرة انتسبا
لا يعرف الشعرَ ..طبعا.. تلك مشكلةٌ
فلا تلومي .. وكُفّي ويحكِ العتبا
طير الخريف على الأغصان ذابلةٌ
تستودع اللهَ وجهَ الصيفِ إذ ذهبا
نصفي يرمّمُ نصفي منْ تشقُّقهِ
والنصفُ يشكُرُ ذاك النصفَ ..يا عجبا
تعلّمي الحبَّ من نصفيَّ سيّدتي
فنصفك الآنَ دون النصفِ قد تعبا